السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الاخوة ابناء قبيلة عباد هذه دعوة مفتوحة لك اصحاب الخبرة في عمل المواقع الالكترونية في المشاركة لتطوير موقعكم هذا كما ترونه مناسبا، الرجاء من المتطوعين مراسلتي على الايميل التالي مع جزيل الشكر

abbadi@abbadi.com

اخوكم ابراهيم الخليف المناصير ابن عباد


دولة بني عباد في الاندلس والبرتغال

 " منقول "

بنو عبَّاد هم أسرة عربيَّة من قبيلة جذام ،ببلاد الشام ، اشتهرت بتأسيسها مملكة في إشبيلية جنوب الأندلس خلال القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي). وفدت الأسرة إلى الأندلس في عهد الدولة الأموية، وكان أول من برز منها القاضي أبو الوليد إسماعيل في نهاية القرن الرابع الهجري عرف اسماعيل بن قريش ابن عباد بالدهاء الغير عادي و الفضل الكبير, و قد كان قاضيا معروفا في زمانه, و قد كان اسماعيل هذا في عهد هشام بن الحكم .، وبعد ثورة في إشبيلية طُرِدَ على إثرها بنو حمود من الحكم، عيَّن أهالي المدينة ابنها أبا القاسم محمد إسماعيل بن عباد حاكماً للمدينة، وهو يعد المؤسس الفعلي لسلالة بني عباد. توسَّعت المملكة بسرعةٍ كبيرةٍ في عهد عبَّاد المعتضد لتمتدَّ إلى جنوب وغرب الأندلس، وضمَّت مدناً عدة مثل قرمونة وولبة ولبلة وشلطيش والجزيرة الخضراء وقرطبة. وكان بنو عبَاد أمراء اشبيلية أهل حنكة سياسية ودهاء وذكاء, وكانت لهم سياستهم الخاصة في غمار تلك الأحداث التي ألمت بالعصر, واستطاعوا أن يوسعوا سلطانهم, حتى غدت اشبيلية أقوى الإمارات الأندلسية . عاشت المملكة أوج ازدهارها في عهد المعتمد بن عباد، الذي وسَّعها أكثر فضمَّ مرسية وبلنسية ومدناً أخرى، وازدهر الشعر والأدب والعمران في إشبيلية ازدهاراً كبيراً، وقويت دولة بني عبَّاد حتى باتت أقوى دول ملوك الطوائف بالأندلس. انتهت دولة بني عبَّاد على أيدي المرابطين عام 484 هـ (1091م)، عندما دخلوا عاصمة بني عبَّاد إشبيلية وأسروا المعتمد، ونفي إثر ذلك إلى مدينة أغمات في المغرب، حيث توفي بعد أربع سنوات، لتنتهي بوفاته السلالة.

أصل بنى عباد وتوليهم الحكم*
يَعود أصل بني عبَّاد لإقليم الشام، من جند الاردن ويعود نسب بني عبَّاد إلى عطاف بن نعيم اللخمي، وهو أول من دخل منهم بلاد الأندلس، إذ جاء على رأس كتيبة من جنود بلج بن بشر القشيري ، فنزل بقرية يومين بإقليم طشانة في إشبيلية. و كان أول من برز من بني عبَّاد في المجتمع الأندلسي القاضي أبو الوليد إسماعيل بن قريش بن عبَّاد بن عمر بن أسلم بن عمرو بن عطاف في دولة الخلافة الأموية بالأندلس، فتولَّى مناصب هامة للخليفة الحكم المستنصر بالله، وتولَّى رئاسة الشرطة وخصة بالإمامة والخطبة بجامع قرطبة الكبير في عهد هشام المؤيد بالله، وتولَّى كذلك بعض المناصب الهامة للمنصور بن أبي عامر. انتقل الوليد فيما بعد من مدينة قرطبة إلى إشبيلية، فتولَّى القضاء بها حتى وفاة المنصور ونهاية الدولة الأموية. عُرِفَ أبو الوليد إسماعيل بحسن سيرته، وقد مدحه المؤرخ ابن حيان القرطبي، ووصفه بالدهاء وكثرة العلم ووفرة العقل، إلا إنَّه توفي عام 414 هـ، بالتزامن مع انهيار حكم بني حمود في إشبيلية، وقد ولَّى قبل وفاته - في أيامه الأخيرة - ابنه محمداً أبا القاسم مكانه على القضاء

محمد أبو القاسم بن عباد
كان بنو حمود العلويون يحكمون إشبيلية في مطلع القرن الخامس الهجري، عقب انهيار وتفكك الخلافة الأموية في الأندلس. إلا إنَّ أميرهم قاسم بن حمود طُرِدَ من المدينة على إثر ثورةٍ في شهر شعبان عام 414 هـ (1023م)، فولَّى أهل المدينة على أنفسهم ثلاثةً من كبار قضاة إشبيلية، كان أحدهم أبا القاسم بن إسماعيل، والآخران هما محمد بن يريم الألهاني ومحمد بن الحسن الزبيدي. إلا إنَّ أبا القاسم استبدَّ مع الوقت بالحكم، فأزاح زميليه وأصبح الحاكم الوحيد لإشبيلية. وعمل عقب ذلك على توسيع مملكته، فتحالف مع محمد بن عبد الله البرزالي حاكم قرمونة للاستيلاء على مدينة باجة، ولمَّا سمع حاكم بطليوس بالأمر سارع بإرسال ابنه المظفر بن الأفطس إلى باجة فاستولى عليها قبل وصول أبي القاسم، وعندما جاء أبو القاسم ووجد أن بني الأفطس سبقوه ضرب الحصار على باجة، ونجح بعد معركةٍ شديدة بالاستيلاء عليهاعادى بني الأفطس أبا القاسم عداءً شديداً منذ هذه الحادثة، وانتقموا منه بمهاجمة جيشه أثناء توجُّهه مرة للإغارة على مملكة ليون. حاول أبو القاسم كذلك أن يستولي على قرمونة من صاحبها محمد بن عبد الله البرزالي، ومرة أخرى شنَّ الحرب على المرية ليأخذها من زهير الصقلبي، إلا إنَّ كلا المحاولتين فشلتا. يعتبر أبو القاسم مؤسس سلالة بني عبَّاد الفعلي، وقد عُرِفَ بالحزم والشدة، وكانت إشبيلية قويَّة في عهده، ثم توفي في عام 433 هـ (1042م)، فورث ابنه المعتضد الحكم عنه

المعتضد بن عبَّاد
وُلِدَ المعتضد بن عباد في عام 407 هـ (1016م)، ولم يكن من المنتظر أن يَخلُف أباه بالحكم، إنَّما كان المرشح الأرجح هو أخوه إسماعيل، إلا إنَّ إسماعيل قتل أثناء إحدى المعارك، فقرَّر أبو القاسم أن يولي ابنه عبَّاد من بعده، والذي لُقِّب لاحقاً بلقب المعتضد بالله. كان المعتضد قاسياً شديداً، فبدأ حكمه بتصفية وزراء والده والتخلص منهم، ثم بدأ بخوض سلسلةٍ طويلة من الحروب مع ملوك الطوائف الآخرين لتوسيع مملكته. شنَّ المعتضد حرباً على كافة إماراتالبربر في جنوب وغرب الأندلس، وقد يكون ذلك بسبب نبوءةٍ أخبره بها أحد منجّميه تفيد بأن ملك سلالته سيزول على أيدي رجالٍ من خارج الأندلس. بدأ بالهجوم على مدينة قرمونة عام 434 هـ، فتمكَّن من القضاء على ملكها محمد بن عبد الله البرزالي، ثم تحول اتجاه لبلة] فاضطرَّ لخوض صراعٍ كبير مع حليفها المظفر بن الأفطس أمير بطليوس، وأدى الصراع إلى دمار وخراب ضواحي عاصمته إشبيلية، قبل أن ينتهي عام 443 هـ على إثر صلحٍ عقد بوساطةٍ منأبي الوليد بن جهور ملك قرطبة. ورغم ذلك، فقد تمكَّن في نهاية الأمر - بعد بدء هجومٍ جديدٍ - من السيطرة على لبلة وضمِّها إلى مملكته في عام 445 هـ (1053م). تابع المعتضد توسُّعاته بالاستيلاء على ولبة وشلطيش وشلب وشنتمرية[ ورندة،ثم أركش وشذونة ومورور عام 458 هـ (1066م)، ثم الجزيرة الخضراء عام 550 هـ حيث قضى على مملكة بني حمود بها، وأخيراً استولى على قرطبة، فأسقط بذلك مملكة بني جهور
تعرَّضت دولة المعتضد في عام 455 هـ (1063م) لغزو على يد مملكة قشتالة، إلا إنَّ المعتضد اتجه إلى عقد الصلح معها. وقد تمرَّد عليه ابنه إسماعيل في أواخر أيام حكمه وحاول الانقلاب عليه، فقتله لذلك. بحلول نهاية عهد أبي عمرو المعتضد، كانت قد اتَّسعت مملكة إشبيلية لتشمل كامل المثلث الجنوبي من شبه جزيرة الأندلس، وامتدَّت شمالاً عبر أرض الفنتيرة حتى شواطئ نهر الوادي الكبير، وغرباً عبر بلاد البرتغال حتى ساحل المحيط الأطلسي، لتصبح بذلك أقوى دول الطوائف وأكثرها ازدهاراً وغنى. ويعتبر المعتضد بن عباد أقوى ملوك الطوائف في عصره، وأكثرهم دهاءً ونفوذاً، وقد قضى معظم حياته في خوض والحروب والصّراعات مع جيرانه لبسط سيطرته على ممالكهم، وعُرِفَت عنه القسوة والعنف والغدر،ورغم ذلك فهو يوصف أيضاً بأنه كان شديد الجرأة والشجاعة. توفي أبو عمرو عبَّاد المعتضد في 12 من شهر ذي الحجة عام 461 هـ، الموافق 22 من سبتمبر عام 1069م. وترك وراءه مملكة قوية، خلفه في حكمها ابنه محمد المعتمد على الله

المعتمد بن عبَّاد
هو محمد بن عبد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن قريش ابن عباد بن عمرو بن أسلم بن عمرو بن عطاف بن نعيم اللخمي. كان ممدوحاً كريماً، وكان شاعراً حكيماً أديباً، وكان ينتمي إلى أصل عربي عريق كان مولد أبو القاسم محمد - الملقب لاحقاً بالمعتمد على الله - في باجة جنوب البرتغال عام 431 هـ، وقد خلف أباه في الحكم عندما كان بالثلاثين من عمره. وكان المعتمد قد قاد من قبل بعض الحملات لوالده المعتضد، وتعرَّف خلالها على وزيره الشاعر الذي أصبح لاحقاً أقرب أصدقائه، وهو أبو بكر بن عمار، وعشق المعتمد الشعر والأدب فجعل الشعراء دوماً من المقرَّبين إليه، وكان يقضي الكثير من وقته معهم. شنَّ عليه في بداية عهده المأمون بن ذي النون حاكم طليطلة حرباً بالتحالف مع ألفونسو السادس ملك قشتالة، وتمكَّن من انتزاع قرطبة منه، وقُتِلَ أثناء سقوط قرطبة ابن المعتمد عبَّاد سراج الدولة، إلا إن الحرب توقفت فيما بعد عقب وفاة المأمون، فرجع المعتمد واستعاد قرطبة منه. بدأ المعتمد بعد ذلك بتوسيع مملكته، فاستولى على بلنسية من بني ذي النون،ثم على مرسية من أبي عبد الرحمن بن طاهر. إلا إنَّ وزير المعتمد ابن عباد - الذي كان قد قاد جيش الاستيلاء على مرسية - تمرَّد عليه، فتخلَّى عن طاعته، وأصبح يحكم مرسية بنفسه بشكل مستقل. وبعد سنواتٍ ثار جند مرسية على ابن عمار، ففرَّ منها، وتنقل بين عدة بلدان، حتى قبض عليه بنو سهيلٍ أصحاب حصن شقورة، فعرضوا بيعه كعبدٍ لمن يدفع أغلى ثمنٍ من ملوك الأندلس، وعندها اشتراه المعتمد، وأسره لفترةٍ في سجن إشبيلية، ثم قتله بيديه في إحدى ثورات غضبه، ودفنه في القصر المبارك
بعد وفاة المأمون (الذي كان يشن الحرب على المعتمد بالتحالف مع قشتالة)، قرر المعتمد التحالف مع مملكة قشتالة، بحيث يعاونه ملكها ألفونسو بالاستيلاء على دول جيرانه من ملوك الطوائف مقابل جزية يؤدّيها له، و قد كان المعتمد يدفع الجزية مكرها إلى الفونسو أو كما تسميه الروايات العربية أذفونش, الذي سيطر على طليطلة, فجاء وقت دفع الجزية (( في قصة طويلة سأختصرها)) أنه رفض دفع الجزية لليهودي الذي أرسله الملك النصراني, و أن المعتمد أرسل الجزية لليهودي الذي كان يقيم خارج المدينة فلم تعجبه الجزية و رفضها, فعندما علم المعتمد بما فعل اليهودي قتله, و اسر من عنده, و كان قد استفتى فيها العلماء لأنه قتل رسولا, فقال له العلماء, أن الرسول مرسول فإذا فعل غير ما أرسل عليه و تجاوز حده كرسول فإنه يجوز, فعلم بعدها الفونسو بما فعله المعتمد فغضب و أقسم أن ينتقم, فطلب الفونسو بقية المأسورين, فوافق المعتمد مقابل بعض الحصون, فكانت هذه الفعلة بداية الأمل بالنسبة للمسلمين الذي كانوا يفقدون الأمل في جميع الحكام, فكان أملهم الوحيد وقتها في المعتمد بن عباد رحمه الله . ولما رأى الملك النصراني الفونسو أن ملوك المسلمين يظهرون له خضوعاً وتذللاً هجم على طليطلة فاجتاحها واحتلها رغم أنف صاحبها القادر بن ذي النون، ثم أراد أن يهين المعتمد بن عباد فأرسل له رسولاً ومعه خمسمائة فارس يحمل رسالة تهديد من "الفونسو "بأن على المعتمد أن يتنازل عن حصون معينة وأن الجزية وحدها لا تكفي وحشد الرسالة بالتهديد الوقح فثارت في المعتمد شهامة الإسلام وجمع العلماء فاتفقوا على الاستنجاد بزعيم المرابطين "يوسف بن تاشفين" في المغرب وتم القرار في الحال، فأمر المعتمد بقتل الفرسان النصارى جميعاً وضرب الرسول وبصق في وجهه فعاد كاسفاً ذليلاً، وفي الحال أصدر بن تاشفين نداء بالجهاد فتسابق شباب المسلمين إلى ساحة الشرف وأقبل المطوعون من أرجاء البلاد حتى ازدحمت البلاد بالمجاهدين المسلمين،فقد أقبل في قرابة مئة سفينة ونيف وعشرين ألف جندي واندفع إلى الزلاقة (مكان قريب من بطليموس على حدود البرتغال عبارة سهل واسع من الأرض يعرف بالزلاقة) فوجد المعتمد بن عباد قد سبقه وقضى ليلة كاملة يهاجم وتنهشه الجراح وفي اللحظة المناسبة وصل المرابطون وقائدهم إلى قلب المعركة وتكامل عدد الكفار خمسين ألفاً وأرسل "الفونسو" إلى ابن عباد يقول له: اليوم الجمعة وهو عطلتكم، وغداً السبت وهو يوم اليهود واليهود موظوفون عندي، وبعده الأحد وهو يومنا فيكون ملتقانا الاثنين
قالها وهو ينوي الغدر والإيقاع بالمسلمين يوم الجمعة؛ لكن الملك المعتمد أدرك الحيلة فلما هجم الغدار وجد المعتمد يقظاً مستعداً فقامت معركة يشيب لهولها الولدان وأبلى المعتمد بلاْ عظيماً ووصل ابن تاشفين في أصعب المواقف فانقض على الجيش الغادر كالصاعقة وشُده النصارى وزلزلوا زلزالا شديداً وأخذتهم سيوف المعتمد من خلفهم وسيوف ابن تاشفين من بين أيديهم ووضع فيهم السيف فلم يفلت منهم أحد وهرب القائد النصراني في بضعة رجال وكانت الواقعة في يوم الجمعة الأولى من شهر رمضان حيث قتل جميع الجيش النصراني فلم يعد منهم سوى ثلاثمائة رجل (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) وكانت هذه الحركة بريادة المعتمد. انضمَّت قوات المرابطين إلى جيوش الأندلس، وخاضت معها معركة الزلاقة، التي تولَّى خلالها المعتمد قيادة قلب الجيش الأندلسي. لكن بعد نصر الزلاقة انقلب المرابطون على ملوك الطوائف، فبدؤوا بمهاجمة دولهم وضمِّها إليهم،وكان ابن تاشفين في أول الأمر يحترم المعتمد بن عباد ويقول هو مضيفنا، ولكن نفراً من المغرضين أوقعوا بين المعتمد وابن تاشفين ووشوا إلى ابن تاشفين أن المعتمد يميل إلى الترف ولم يزالوا بابن تاشفين حتى أوغروا صدره على المعتمد فتنكر للصداقة والحلف وأمر بقتل ولدي المعتمد ثم قامت معركة عنيفة بين أهالي أشبيلية وبين البربر انتصر فيها المعتمد أول الأمر لكن الدائرة دارت عليه فأسره جيش ابن تاشفين بعد أن أبلى في الدفاع عن مملكته أعظم البلاء، ونزل المعركة بدون شيء يصد عنه وقع السهام سوى قميص أبيض وقد رماه أحد الجنود البربر بحربة فتظاهر أنه أصيب ثم انقض على الرجل فطوح به وقتله وقد قال في تلك المعركة أبياتاً حين دعاه أحد المشفقين عليه إلى الخضوع والمصالحة فقال

قَالُوا الخضوعُ سياسةٌ
فليبدُ منك لهم خضوعُ
وألذّ من طعم الخضوع
على فمي السمُّ النقيع
قد رمت يوم قتالهم
ألا تحصنني الدروع
وبرزت ليس سوى القميص
عن الحشاشي دفوع
أجلي تأخر لم يكن
بهواي ذلي والخشوع
ما سرت قط إلى القتال
وكان من أملي رجوع
شيم الأولى أنا من همو
والأصل تتبعه الفروع

وقد انتهى أمر المعتمد رحمه الله أن وقع في قبضة ابن تاشفين فحبسه في سجن أغمات في المغرب فقيراً مجرداً من ماله، وأظله عيد وهو في السجن فقدم إليه نفر بناته فرأين سوء حاله في السجن والقيد، فقال رحمه الله يصف هذا المشهدالذي يقطع نياط القلوب


فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة
يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعةً
أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية
كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
لا خدَّ إلا تشكي الجدب ظاهرة
و ليس إلا مع الأنفاس ممطورا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُهُ
و كان فطرك للأكباد تفطيرا
قد كان دهرك إن تأْمُرْهُ ممتثلاً
فردك الدهر منهياً و مأمورا
من بات بعدك في ملك يسر به
فإنما بات في الأحلام مغرورا
توفي المعتمد بأغمات في ذي الحجة سنة (488هـ=1095م)، وقد رثى نفسه بهذه الأبيات، وأمر أن تُكتب على قبره

قبرَ الْغَرِيبِ سَــقَاكَ الرَّائِحُ الْغَـادِي حَقًّا ظَفِرْتَ بِأَشْلاءِ ابْـــنِ عَبَّـــــادِ

بِالْحِلْمِ بِالْعِلْمِ بِالنّعْــمَى إِذَا اتَّصَلَتْ بِالْخِصْبِ إِنْ أَجْدَبُوا، بِالرِّيِّ لِلصَّادِي

بِالطَّاعِنِ الضَّارِبِ الرَّامِي إِذَا اقْتَتَلُـوا بِالْمَوْتِ أَحْمَرَ بِالضِّرْغَامَةِ الْعَــادِي

بِالدَّهْرِ فِي نِقَمٍ بِالْبَـحْرِ فِي نِـــــــعَمٍ بِالْبَــدْرِ فِي ظُلُمٍ بِالصَّدْرِ فِي النَّادِي

نَعَمْ هُوَ الْحَقُّ حـاباني بِــهِ قـَــــــدَرٌ مِـــــــنَ السَّمَاءِ فَــــوَافَانِي لِمِيعَـــادِ

وَلَـمْ أَكُنْ قَبْلَ ذَاكَ النَّعْشِ أَعْــــــلَمُه أنَّ الْجِبَالَ تَهَادى فَــــــوْقَ أَعْـــوَادِ

كفاك فارفُقْ بما استُودِعت من كـرمٍ رواك كل قطوب البــرق رعــاد

فَلا تَزَلْ صَــــلَوَاتُ اللهِ نَـــــــــازِلَةً عَـــلَى دَفِينِكَ لا تُحْصَى بِتــَعْدَادِ

*صفته
جاء في الإحاطة في أخبار غرناطة في وصف المعتمد بن عبّاد رحمه الله على لسان الدين بن الخطيب

قالوا كلهم, كان المعتمد رحمه الله فارسا شجاعا, بطلا مقداما شاعرا ماضيا , مشكور السيرة في رعيته, و قال أبو نصر في قلائده(( و كان المعتد على الله ملكا قمع العدا و جمع بين البأس و الندا و طلع على الدنيا بدر هدى لم تيعطل يوما كفه و لا بنانه آونة يراعه و آونة سنانه وكانت أيامه مواسم و ثغوره بر’ بواسم )) لقب ألوا الظار ثم تلف بالمعتمد كلفا بجاريته اعتماد لما ملكها لتتفق حروف لقبه بحروف اسمها لشدة ولوعه بها.
و قد وصفه ابن الأبّار, صاحب كتاب الحلة السيراء(( و كان المعتمد من الملوك الفضلاء و الشجعان العقلاء, و الأجواد الأسخياء المأمونين عفيف السيف و الذيل مخالفا لأبيه في القهر و السفك و الأخذ بأدنى سعاية رد جماعة ممن نفى أبوه و سكّن و ما نفّر و أحسن السيرة))

ذكره ابن خلقان[في وفيات الأعيان] فقال: "كان أندى الملوك راحة وأرحبهم ساحة. وكان بابه محط الرجال وكعبة الآمال. وله شعر غاية من الحكمة والرصانة والجمال."
وقد شهد الشاعر الشاعر أبو بكر بن اللبانَّة ، تلك الساعات الفاصلة في تاريخ إشبيلية ، فأثارته ما حل بها من خطوب ، وحركت عنده لواعج الحزن والأسى ، فبكى سيده المعتمد بداليته المشهورة التي يقول في مطلعها


تبكـي السـماء بـدمع رائـح غـادي
عــلى البهــاليل مـن أبنـاء عبـاد

وفيها يقول


نســيت إلا غــداة النهــر كـونهم
فــي المنشــآت كــأموات بألحـاد

والنـاس قـد ملئـوا العبرين واعتبروا
مــن لؤلــؤ طافيـات فـوق أزبـاد

حــط القنــاع فلـم تستر مخـدرة
ومــزقت أوجــه تمــزيق أبـراد

حـان الـوداع فضجـت كـل صارخة
وصــارخ مـن مفـداة ومـن فـادي

ســارت ســفائنهم والنـوح يتبعهـا
كأنهــا إبــل يحـدو بهـا الحـادي

كـم سـال في الماء من دمع وكم حملت
تلــك القطـائع مـن قطعـات أكبـاد

و قول الشاعر ابن عبد الصمَد في قصيدة زادت على مائة بيت, أنشدها على قبره في أول عام مر على مماته وهي حافلة بمعاني التفجع على الملك الشاعر وملكه الزائل ومنها قوله

ملك الملوك أسامع فأنادي أم قد عدتك عن السماع عَواد
عهدي بملكك وهو طلقٌ ضاحكٌ متهللُ الصفحات للقصَّاد

ابناء المعتمد بن عباد
الرشيد بن المعتمد

أبو الحسين عبيد الله الرشيد بن المعتمد هو أحد أبناء المعتمد بن عبَّاد أمير إشبيلية في عصر . عينه المعتمد على قضاء إشبيلية، ونصَّبه ولياً للعهد، إذ كان ينوي أن يخلفه في الحكم. اشتهر الرشيد بالكرم والنجوى

سيرة الرشيد بن المعتمد

عندما أراد أبو بكر بن عمار - وزير المعتمد بن عباد - غزو مدينة مرسية، قرر التفاوض مع كونت برشلونة ريموند برانجيه ليحصل منه على المساعدة في الغزو. عرض ابن عمار أخذ ابن أخ الكونت رهينةً عند المعتمد ليضمن أن يساعده في فتح المدينة، وفي المقابل يصبح الرشيد بن المعتمد - قائد الحملة - رهينةً عند الكونت إذا لم يصل إليه المال الذي وُعِدَ به، إلا إنَّ ابن عمار لم يخبر المعتمد بهذا الشرط. ضرب جيشا المعتمد والكونت الحصار على مرسية، وعاد المعتمد إلى قرطبة ومعه الرهينة (ابن أخ الكونت)، وتأخر بإرسال المال، فظنَّ الكونت أنه خدع، وقبض على الفور على الرشيد وابن عمار، وفشل جيش إشبيلية بتحريرهما. عاد المعتمد إلى إشبيلية، وسجن ابن أخ الكونت، ففشل الحصار وانسحبت الجيوش من مرسية. لكن عندما اتجه المعتمد بن عبَّاد إلى الصلح مع الكونت مقابل تسليمه المال وتبادل الرهائن ليستعيد الرشيد، طالب الكونت بتسليمه ثلاثين ألف مثقال من الذهب لقاء ذلك، ولم يكن المعتمد يستطيع تدبير هذا المبلغ، فصنع عملة زائفة من خليط من الذهب والمعادن، ولم ينتبه الكونت إلى ذلك، فتمَّت المبادلة، وعاد الرشيد إلى المعتمد
عندما أراد المعتمد استدعاء المرابطين إلى الأندلس لمساعدة ملوك الطوائف ضدَّ قشتالة، اعترض عليه الرشيد قائلاً: «يا أبت، أتدخل على أندلسنا من يسلبنا ملكنا ويبدّد شملنا؟»، فأجاب ابنَه: «أي بني، والله لا يُسمَع عني أبداً أني أعدتُّ الأندلس دار كفر، ولا تركتها للنصارى، فتقوم عليَّ اللعنة في منابر الإسلام مثل ما قامت على غيري». وعندما طالب يوسف بن تاشفين أمير المرابطين أن يُسلِّمه المعتمد الجزيرة الخضراء ليعسكر فيها عند دخوله الأندلس، اعترض الرشيد في ذلك: «يا أبتِ، ألا ما تنظر إلى ما طلب؟»، فأجاب المعتمد: «يا بني، هذا قليلٌ في حقّ نصرة المسلمين»، فردَّ الرشيد: «يا أبتِ افعل ما أمرك الله»، وأجابه المعتمد: «إن الله لم يلهمني إلا هذا، وفيه خيرٌ وصلاحُ لنا ولكافَّة المسلمين». عندما ذهب المعتمد لخوض معركة الزلاقة مع ابن تاشفين ضد قشتالة، ولَّى الرشيد لتدبير أمور إشبيلية إلى حين عودته. وعندما انتصر في المعركة أرسل على الفور حمامة زاجلة إلى الرشيد في إشبيلية لينبؤه بالخبر، وأعلنه الرشيد من على منبر المسجد الجامع في المدينة عندما تعرَّضت إشبيلية عاصمة بني عبَّاد للحصار على أيدي المرابطين عام 484 هـ (1091م)، ترك المعتمد أمر تدبُّر كافة شئون إشبيلية للرشيد. ثم سقطت إشبيلية واقتيد الرشيد مع والده أسيراً إلى المغرب. وأثناء نقلهم من مكناسة إلى أغمات عتب المعتمد عتاباً كبيراً على الرشيد، فكتب الرشيد شعراً إلى والده يستعطفه

:
يا حليف الندي ورب الساح . . . . وحبيب النفوس و الارواح
من تمام النعمي علي التماحي . . . . لمحة من جبيك الوضاح
قد غنيتنا بيشره وسناه . . . . عن ضياء الصبح والمصباح

الراضي بن المعتمد
أبو خالد يزيد الراضي بالله بن المعتمد[1] (؟ - 484 هـ/1091م) هو أحد أبناء المعتمد بن عباد أمير إشبيلية وقرطبة في عصر ملوك الطوائف. تولَّى حكم مدينةرندة نيابة عن والده، وقتله المرابطون غدراً بعد أن سلَّمها إليهم عام 484 هـ (1091م)
سيرته
ولايته على الجزيرة الخضراء
عندما استدعى المعتمد بن عباد المرابطين إلى الأندلس لمساعدته في مواجهة قشتالة، كان الراضي يتولى حكم الجزيرة الخضراء. لكن الراضي لم يكن قد تلقى بعد أمراً بتسليمها من والده، لذلك عندما بدأ المرابطون بالعبور من سبتة تحصَّن ورفض أن يتنازل لهم عنها، وأرسل إلى المعتمد بالحمام الزاجل يخبره عن الحال. وعندما سمعَ المعتمد بذلك لم يجد بداً من التنازل عنها، فأسرع بإرسال الأمر إلى الراضي بتسليمها، واستجاب الراضي فأخلاها وانسحب مع جنده نحو رندة
هجوم المرابطين ومقتله

عندما هاجم القائد المرابطي سير بن أبي بكر مملكة المعتمد بن عبَّاد بهدف ضمِّها إلى المرابطين، كان الراضي يتولَّى أمور مدينة رندة، وهي من مدن الأندلس الحصينة. عسكر المرابطون قريباً من رندة، وظلُّوا كذلك حتى سقوط إشبيلية وأسر المعتمد (والد الراضي)، فأجبره المرابطون هو زوجته اعتماد الرميكية عل ىأن يكتبا للراضي يرجواه أن يستسلم، ويخبراه بأنَّه إذا لم يفعل فإنَّهما سيُقتَلا. وافق الراضي تحت هذا التهديد على التخلي عن رندة بعد عقد ميثاقٍ مع المرابطين، لكن ما إن خرج منها حتى قتل غدراً وأخفيت جثَّته. حزن المعتمد على وفاة الراضي حزناً كبيراً، وقد رثاه وأخيه الفتح


المعتد بالله بن المعتمد
أبو بكر المعتد بالله بن المعتمد كان يتولى حكم مدينة مارتلة نيابة عن أبيه، وأجبر على تسليمها لاحقاً للمرابطين
بعد معركة الزلاقة، أراد والده المعتمد أن يقود أخوه يزيد الراضي حملةً لصدّ جيش مملكة قشتالة الذي كان متوجِّهاً لمهاجمة مدينة لورقة، إلا إنَّ الراضي أعرض عن خوض الحرب، فقرَّر المعتمد تعيين المعتدّ بالله مكانه على رأس الجيش. كان عدد الأندلسيّين كبيراً، إلا إنَّهم انهزموا رغم ذلك وخسروا المعركة مع القشتاليين. وأثارت الهزيمة غضباً شديداً في نفس المعتمد
عندما هاجم القائد المرابطي سير بن أبي بكر مملكة المعتمد بن عبَّاد بهدف ضمِّها إلى المرابطين، كان المعتد بالله يتولى حكم مارتلة، وهي من مدن الأندلس الحصينة. لكن عقب سقوط إشبيلية وأسر المعتمد (والد المعتد بالله)، أجبره المرابطون هو زوجته اعتماد الرميكية عل ىأن يكتبا للمعتد يرجواه أن يستسلم، ويخبراه بأنَّه إذا لم يفعل فإنَّهما سيُقتَلا. وافق المعتد تحت هذا التهديد على التخلي عن مارتلة بعد عقد ميثاقٍ مع المرابطين


الفتح بن المعتمد
أبو نصر الفتح بن المعتمد (الملقَّب أيضاً بالمأمون484 -هـ/1091م، حكم قرطبة نيابة عن أبيه لفترة، وكان من حكام الأندلس المشهورين. ولاه والده حاكماً لمدينة قرطبة، وكان هو أميرها وقتَ وصول سير بن أبي بكر القائد المرابطي الذي كُلِّف بالقضاء على دول ملوك الطوائف. حاصر المرابطون المدينة عام 484 هـ (1091م)، وتوجَّس الفتح وخاف، فأرسل زوجته زائدة الأندلسية مع أبنائه إلى حصن المدور بعد أن أمر بتحصينه وتجهيزه، وظلَّ وحيداً مرتعباً في قصر قرطبة. سقطت قرطبة بعد مقاومةٍ قصيرة إثر تسليمها على يد أهلها، فدخلها المرابطون ووصلوا إلى القصر، وعندما سمع الفتح بأمرهم خرج منه مع عددٍ قليلٍ من رجاله،إلا إنَّ المرابطين والثوار من أهل المدينة تمكَّنوا من هزيمته وقتله. وقد قُطِعَ رأسه ووضع على رأس رمح، وطاف به الأهالي في شوارع قرطبة. حزن المعتمد على وفاة الفتح حزناً كبيراً

عباد بن المعتمد
أبو عمرو عبَّاد سراج الدولة أو المظفَّر بن المعتمد (؟ - 468 هـ. وُلِد عباد للمعتمد من زوجته اعتماد الرميكية، وكان صغيراً في السنِّ عندما وقعت قرطبة في يد المعتمد، فولاه أميراً عليها. قوبل حكم عباد على قرطبة بالبداية بالترحيب من سكانها، إلا إنَّه اعتمد - لجهله في الحكم - على رجلٍ يدعى ابن مرتين (كان رئيس حرس قرطبة) لتدبُّر شئون المدينة، فأساء هذا السيرة وكرهه الناس. وفي الآن ذاته أراد المأمون بن ذي النون حاكم طليطلة الاستيلاء على قرطبة، فأغار على قراها بمساعدة حليفه ألفونسو السادس ملك قشتالة، وخرج عبَّاد إليهم وتمكَّن من صدِّهم
كان بين قادة المأمون بن ذي النون رجلٌ يدعى ابن عكاشة أصرَّ على أخذ قرطبة،[1] وكان في بداية حياته قاطع طرقٍ ومجرماً، وكان على دراية بأمور قرطبة وأهلها وتذمُّرهم من استبداد ابن مرتين، ولذا قرَّر - بعدما عينه المأمون حاكماً لأحد الحصون الحدودية مع بني عبَّاد - أن يستولي على المدينة. لاحظ أحد قادة حرس قرطبة أن ابن عكاشة كان يستلَّل في الليل ويقوم بمحادثاتٍ مشبوهةٍ مع الحراس، فأبلغ الأمير عبَّاد بن المعتمد، إلا إنَّه لم يهتم للأمر، فحوَّله إلى قائد الحرس ابن مرتين، وهذا بدوره لم يهتم أيضاً. وفي إحدى ليالي شتاء عام 468 هـ تسلَّل ابن عكاشة مع عددٍ من الرجال إلى قرطبة ودخل قصر الأمير، وباغته في نومه، فنهض عبَّاد فزعاً عارياً وحاول الدفاع عن نفسه مع عددٍ قليل من حراسه، لكن قدمه زلَّت أثناء المعركة فوقع، واستغلَّ ذلك أحد رجال ابن عكاشة وقتله. وألقيت جثَّته بدون ما يغطيها في شوارع المدينة، فرآها صباحاً أحد أئمة المساجد وغطاها بردائه. حزن المعتمد حزناً كبيراً على ابنه عندما وصلته الأخبار

*ملامح دولة بني عباد

العلم والحضارة
تحوَّلت مدينة إشبيلية في عصر بني عبَّاد إلى مركز علمي وحضاري قوي، فبرز فيها الفلكيون والشعراء والفلاسفة، وبات العلماء والأدباء يتوافدون إليها من مختلف أنحاء الأندلس لتقديم أنفسهم للمعتضد والمعتمد، وكان الأكثر حظاً من هؤلاء هم الشعراء، ومن أشهرهم ابن عمار وابن زيدون، وأما الأدباء فمن أبرزهم ابن حزم الأندلسي

الشعر والأدب
شهد عهد بني عبَّاد نهضة حضارية كبيرة في إشبيلية والمدن الأخرى التي حكموها، خصوصاً بالنسبة للشعر والأدب، حيث باتت إشبيلية قبلة للشعراء والأدباء يفدون إليها من أنحاء الأندلس، وظهر ونبغ الكثير من الشعراء المشهورين في تاريخ الأندلس خلال عهد بني عباد، ومن أبرزهم أبو بكر ابن عمار وابن زيدون وابن حمديس الصقلي وابن اللبانة وابن وهبون، كما كان المعتضد وابنه المعتمد وزوجته اعتماد الرميكية شعراء أيضاً. وقد عُرِفَ المعتمد وبنو عبَّاد بصورةٍ عامة بعلمهم وأدبهم، واهتمامهم الكبير بالعلماء والأدباء والشعراء خلال حكمهم إشبيلية وقرطبة، وإغداقهم الأموال والمكافآت على البارعين منهم بل ويقال إن المعتمد لم يكن ينصّب كاتباً أو وزيراً ما لم يكن شاعراًوقد كانت للمعتمد علاقة وثيقة بالكثير من هؤلاء الشعراء، ومن أبرزهم ابن عمار وابن زيدون. وكان يستخدم أحياناً كثيرة الشعر في مراسلاته معهم، أو يقوم بالتنافس معهم في سرعة تأليف أبيات الشعر وقد كان المعتمد من أشهر شعراء عصره واتخذ الكثير من وزرائه ورجالاته من الشعراء

الاقتصاد
ازدهرت مدينة إشبيلية في عصر بني عبَّاد لتحلَّ محل قرطبة، حتى باتت أكثر مدن الأندلس سكاناً،واجتازت قرطبة في حجمها وغناها واقتصادها حتى اثترت، وسمح ثراؤها الكبير لملوك بني عبَّاد بحياة البذخ والترف التي عاشوها. فبطبيعة الحال كان موقع المدينة وريفها على نهر الوادي الكبير يجعلها أفضل مناطق الأندلس زراعياً، واشتهرت بساتين الزيتون التي انتشرت بها في عصر بني عبَّاد بجميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، وأما نبات البهشية الذي انتشر على الجروف المحيطة بإشبيلية فقد كان موطن الدودة القرمزية التي استعملها العرب لإنتاج صبغٍ قرمزي كان الطلب عليه كبيراً في الأندلس. وفضلاً عن ذلك، فإنَّ المنطقة كانت غنية بالمعادن الثمينة، واشتهرت المدينة بصناعة الأدوات الموسيقية وإفريزات الساعات الميكانيكية. ساهمت كلُّ هذه العوامل بازدهار اقتصاد إشبيلية طوال عصر بني عبَّاد، حتى بات عهد المعتضد وابنه المعتمد ذروة عصر ملوك الطوائف بالمدينة

سك العملة


عُثِرَ على العديد من الدنانير الذهبية والدراهم الفضية التي تعود إلى عصر بني عبَّاد، من حقبتي المعتضد وابنه المعتمد. نقش على وجه بعضها "الحاجب/عضد الدولة" وعلى جانبها الآخر "المعتضد بالله"، وعلى بعضها الآخر "مدينة إشبيلية 464 هـ" (من عهد المعتمد). ومن بين ما عثر عليه من حقبة بني عبَّاد دينار ذهبي من قرطبة، سُكَّ عام 467 هـ (1074 أو 1075م)، ونُقِشَ عليه لقبا الظافر والمُوفَّق، مما يشير إلى أنه سك في عهد عبَّاد سراج الدولة بن المعتمد قبل فترةٍ قصيرةٍ من مقتله ووقوع قرطبة في يد ابن عكاشة، وهذا يعني أن بني عبَّاد كانوا يسكُّون نقوداً خاصة بهم. وحسبما يظهر من مجموعةٍ أخرى من الدنانير التي اكتشفت، فقد بدأ سكُّ العملة في قرطبة مجدداً عام 469 هـ (1076 أو 1777م) بعد عودتها إلى أيدي بني عباد، إلا إنَّ اسم سراج الدولة المقتول استبدل الآن باسم أخيه عضد الدولة، وكذلك وجدت دنانير أخرى سك عليها اسم الفتح ابن المعتمد الملُقَّب بالمأمون

العمارة
كان المسجد الجامع بالمدينة أيام بني عبَّاد هو نفس المسجد الذي بناه عبد الرحمن الأوسط، المعروف باسم مسجد ابن الدبَّاس،وقد بُنِيت مكانه اليوم كنيسة السلفادور، وقامت بجانب هذا المسجد منطقة هامة من الأسواق ومحالّ البيع في إشبيلية. شهد عهد المعتمد بن عباد إعادة بناءٍ للمسجد الجامع، إذ إنَّ المسجد تعرَّض لأضرارٍ في أعقاب زلزال ضربه عام 472 هـ (1079م)، سُجِّلت تفاصيله على جدارٍ حجري في المسجد، ومن الإضافات التي قد تكون شملتها إعادة البناء هذه عددٌ من الأعمدة الرخامية التي تدعم زوايا مئذنة المسجد الأربعة
بنيت وشُيِّدت الكثير من القصور بإشبيلية في عهد بني عبَّاد، وخصوصاً عهد المعتمد، ولا زال بعضها باقياً إلى اليوم رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت عليها. كان بين أبرز هذه القصور قصر المبارك، الذي بدأ في عهد عبد الرحمن الناصر بما عُرِفَ باسم دار الإمارة، وهي قصر بني عند الطرف الجنوبي لمدينة إشبيلية القديمة المُسوَّرة، وتوسَّعت هذه المنطقة من المدينة لاحقاً لتصبح مركزاً رئيسياً لمقار الحكم بإشبيلية طوال العهد الإسلامي. طوَّر المعتمد بن عباد قصر المبارك، فأضاف إليه أعمدة وإنشاءات جُلِبَت من مدينة الزهراء بقرطبة، وزخر القصر في عهده بالشعراء والأدباء والموسيقيّين، ثم تحول لاحقاً على يد بيدرو الأول وملوك قشتالة الآخرين إلى قصر إشبيلية الحديث. ارتبطت بالقصر في عصر بني عبَّاد مجموعة من القصور الأخرى والمزارع والحدائق، وامتدَّت هذه الأبنية وإنشاءات أخرى خارج حدود المدينة المسورة القديمة،وذلك لضيق المساحة المتاحة داخل نطاق السور، وأما القصر الرئيسي فقد ظلَّ عند طرف السور. لم تتوسَّع أسوار إشبيلية في عهد بني عباد، على عكس العصور الإسلامية السابقة واللاحقة لهم. أمر المعتمد بن عبَّاد خلال عهده بزراعة منطقة من إشبيلية عُرِفَت باسم البحيرة (تسمى الآن "Huerta del Rey")، فأصبحت منطقةً من البساتين والحدائق، وبنى بوسطها سرداقاً، وتوسَّعت المنطقة لاحقاً ليبنى بها عددٌ من القصور في عهد الموحّدين، إلا إنَّ البحيرة التي منحتِ المنطقةَ اسمها القديم جفَّت منذ زمن طويل
من الصعب تحديد طبيعة قصور الحكم في إشبيلية خلال عهد بني عبَّاد، إذ إنَّ النصوص المكتوبة حول ذلك قليلة جداً، وقد أدَّت التطويرات العمرانية التي قام بها المرابطون والموحدون ثم المسيحيون فيما بعد إلى دثر معظم معالم العمارة العبَّادية. رغم ذلك، توحي الأشعار التي تعود إلى حقبة بني عبَّاد بأنهم اهتمُّوا في تصميم القصور بارتفاعها، لكي تكون مطلَّة على نهر الوادي الكبير. شملت قصور بني عبَّاد المعروفة قصور المبارك والمكرم والزاهي والزاهر والوحيد والتاج. يعتقد بعض الباحثين أن حدائق وبرك قصر الزاهي ربما كانت مرتبطةً بقصر المبارك، بحيث أنَّ كليهما شكَّلا قصراً واحداً كبيراً. ولعلَّ العديد من قصور بني عبَّاد الأخرى كانت مرتبطة


***********************************************************************


خارطة تواجد أغلبية قبيلة عبّاد في الاْردن